سماها الكنعانيون (هزاني ) و المصريون القدماء (غازاتو) ، وسماها الآشوريون (عزاتي ) وأطلق عليها الفرس (هازانوت) و العرب قالوا أنها (غَـزّةَ هاشم) ...
يقول ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان : اغتـزَّ فلان بفلان ، أي اختصّه من بين أصحابه ، و قيل أن غـزة تعني القوة والمنعة ..
(غـزة) في اللغة كلمة مُحيّرة ، للصديق والعدو، لا تخضع لقرارات وتكره لغة الإلـزام .
(غـزة) اسم مُختَلِف ولا يُختَلَفُ عليه ...
بالرغم من الحرق والقتل والاعتقال والاغتيال ، فهي لا تزال تبكـي وتفـرح ..
حتى اليوم وبالأمس وغداً مازالت (غزة) تكره (أل) التعريف ، ترفض أن تضعه على رأسها ولو تدخل مجلس القضاء أو حتى رئيس المحكمة العليا ، فـ (غَــزّة) حرّة تعشق الحرية .. ما زالت كعادتها تستيقظ كل صباح ، تطل على البحر ، تلعب بظفائرها ، تتثاءب على الشرفة ، بهيَّةَ الطلّة ، حليقة اللحية .. كعادتها تحب قوس قزح ، وتكره اللون الواحد ، ولو كان بلون العشب الأخضـر .. تسمع لحناً واحدا كان يُدعى فلسطين ، في لحظاتٍ .. تناثرت نوتـة الوطن وبات اللحن حزين ، لحـنٌ بطعم الانقسام ..
ذات يوم تساءلت غزة كيف .. لماذا .. وإلى متى ..؟ بادروها بالقول أن الكيف معلوم والانقسام مقـدور والسؤال عنه بدعة ، وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..
مرةً أخرى ، تثاءبت غزة ، وكادت تبصق عليهم .. فهي تكره القيل والقال وكثرة السؤال أخبرتهم أنها ليست عارية ، وليست على /حلّ شعرها/ كما وصفوها في لائحة الاتهام .. أنزلوها أقبية التحقيق .. أثقلوا عليها ، عذّبوها ، هددوها بالانفصال ، اغتصبوا عذريتها الفلسطينية ليلبسوها ثوبهم ، صرخت .. ليس هذا الثوب ثوبي .. وبقيت صامدة ، حتى خرَّ الجسد النحيل أرضاً وهي تصرخ عالياً .. تصبحـون على تَخَلُّـف ... لكنها ذَكَّرَتهُم أنها ستبقى غزة الجيفارية .. الحيدرية .. الشافعية ولن تقبل بـ(أل) التعريف على رأسها .. فهي للجميع والجميع لها ، هي منّا ونحن منها ، ستبقى حُرّة وإن كره الظلاميـون ...
من جديد استذكرت غَزّةَ طفولتها حينما كانت صغيرةً وحيدة ، لا إخوان لها -وهي بالمناسبة- تكره الإخـوان إن كانوا ظالميـن ..
في أشعاره وصفها قباني بأنها علبة سردين .. آخرون قالوا أنها سفينة نـوح الفلسطينية .. يبقى السؤال برسم الإجابة ، هل ترسو غـزة على ميناء الحرية وشاطئها الديمقراطي .. أم أنها على مَوعِدٍ مَعَ التَخَلُّـف ..؟